معلومات دينية

معلومات دينية

بحث

اخر الأخبار

الأحد، 12 أبريل 2020

أبريل 12, 2020

تطبيق معلومات دينية



على ماذا يحتوي التطبيق

يحتوي على الاقسام التالية


- قصص المرسلين
- كتب اسلامية
- العبادات
- سيرة الحبيب
- معلومات قيمة
- الثقافة الاسلامية

: ويحتوي ايضا على وسائل التواصل الاجتماعي منها 


- فيسبوك
- يوتيوب
- انستقرام
- مجموعة الفيسبوك


ولدينا خاصية الاتصال في حال اي استفسار عبر رسالة 

ويوجد في الشريط الجانبي 


- التحميلات
- التحديث
- تغيير الضوء
- الاعدادات


مطور التطبيق


بوهني محمد


مقدم من طرف


معلومات دينية


البريد الالكتروني

religiousinformat@gmail.com

البلد

الجزائر - الشلف

حي بن حليمة رقم 49 الشلف

الهاتف

+213 771 20 41 72




لتحميل التطبيق                   اضغط هنا
أبريل 12, 2020

غزوة بني قينقاع





اليهود في المدينة: 

كان في داخل المدينة المنورة ثلاث قبائل لليهود: قبيلة بني قينقاع، وقبيلة بني النضير، وقبيلة بني قريظة؛ وفي شمال المدينة المنورة يقع تجمع ضخم لليهود هو تجمع خيبر. 

وقد أقام رسول الله r معاهدة مع اليهود، وقد حاولوا مرارًا وتكرارًا أن يخالفوا هذه المعاهدات، وأن ينقضوا الميثاق، وتحدثوا كثيرًا بالسوء، ليس فقط عن الصحابة y، وليس فقط عن رسول الله r، بل عن ربِّ العالمين I، وتطاولوا كثيرًا في هذه الكلمات، لكن الرسول r كان يضبط النفس، ويتحكم قدر المستطاع في أن يمنع الصحابة من الصدام المباشر مع اليهود؛ لأن الوضع في المدينة المنورة لم يكن مستقرًّا. 

لكن بعد انتصار الرسول r والمسلمين في بدر، رجع r وهو يرفع رأسه بعزة وقوة وبأس، ومما لا شك فيه أن ذلك أرهب معظم الجزيرة العربية، لكن ردّ فعل اليهود كان غريبًا. 

غدر بني قينقاع: 

عندما دخل الرسول r المدينة، جمع يهود بني قينقاع وحذَّرهم من مغبَّة الطغيان والمخالفة المستمرة التي كانوا عليها، وقال لهم r: "يَا مَعْشَرَ يَهُودَ، أَسْلِمُوا قَبْلَ أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قُرَيْشًا". وهو r بذلك لا يكرههم على الإسلام أو على الإيمان، لكنه r يوضح لهم أن قريشًا لما ظاهرت على أمر الله أذلّّها الله U. 

وهذا الأمر له بوادر كثيرة عند اليهود، فهم - دائمًا-يخالفون ويسيئون الأدب مع الأنبياء، بل ومع رب العالمين I. 

لكنّ ردَّ فعل بني قينقاع كان عنيفًا للغاية؛ ففي سنن أبي داود عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: "لَمَّا أَصَابَ رَسُولُ اللَّهِ r قُرَيْشًا يَوْمَ بَدْرٍ، وَقَدِمَ الْمَدِينَةَ جَمَعَ الْيَهُودَ فِي سُوقِ بَنِي قَيْنُقَاعَ، فَقَالَ: "يَا مَعْشَرَ يَهُودَ، أَسْلِمُوا قَبْلَ أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قُرَيْشًا". قَالُوا: يَا مُحَمَّدُ، لاَ يَغُرَّنَّكَ مِنْ نَفْسِكَ أَنَّكَ قَتَلْتَ نَفَرًا مِنْ قُرَيْشٍ، كَانُوا أَغْمَارًا لاَ يَعْرِفُونَ الْقِتَالَ، إِنَّكَ لَوْ قَاتَلْتَنَا لَعَرَفْتَ أَنَّا نَحْنُ النَّاسُ، وَأَنَّكَ لَمْ تَلْقَ مِثْلَنَا"[1]. 

فهذا إعلان واضح وصريح من اليهود بالحرب، ومخالفة صريحة وواضحة لبنود المعاهدة التي تنصُّ على وقف الحرب بين الطائفتين، بل وتجعل من الواجب على اليهود أن يناصروا المسلمين في حربهم ضد من يغزو المدينة المنورة، سواء من قريش أو من غيرها، فهذه بدايات انشقاقات كبيرة داخل المدينة المنورة، ويصرّحون بأنهم على استعداد لحرب الرسول r ويهدّدونه ويتوعّدونه بذلك. وَضَعْ ذلك كله مع مواقف اليهود خلال السنتين السابقتين لهذا الموقف من التكذيب المستمر، والادِّعاء بالباطل على المسلمين وعلى آيات الله U وكلام الحبيب r. 

فلما قال يهود بني قينقاع هذا الكلام، أَنْزَلَ اللَّهُ U فِي ذَلِكَ آيات بينات توضح العلاقة بين المسلمين واليهود خلال الفترة القادمة، قال الله U: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ المِهَادُ} [آل عمران:12]. 

وقد نزلت هذه الآيات في بني قينقاع: {قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لأُولِي الأَبْصَارِ} [آل عمران:13]. 

ولأن بصائر اليهود مطموسة تمامًا، لم يفقهوا هذه الآيات ولم يهتموا بها، فكان هذا هو الموقف بين اليهود والمسلمين، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل تصاعد الأمر. 

امرأة من المسلمين قدمت إلى سوق بني قينقاع، وجلست إلى أحد الصاغة اليهود تبيع وتشتري منه، فجعل اليهود يريدونها على كشف وجهها، ورفضت المرأة المسلمة ذلك، فجاء أحد اليهود من خلفها وربط طرف ثوبها برأسها دون أن تشعر، وعندما وقفت انكشفت المرأة فصرخت، فجاء أحد المسلمين وقتل اليهوديَّ الذي فعل ذلك، فاجتمع يهود بني قينقاع على المسلم وقتلوه، فكانت هذه بوادر أزمة ضخمة في داخل المدينة المنورة، فقد اجتمعت قبيلة بني قينقاع على قتل المسلم، بعد أن قاموا بجريمة كشف عورة المرأة المسلمة. 

دولة كاملة تتحرك لأجل امرأة واحدة 

وصل الأمر إلى رسول الله r، وعلى الفور جمع r الصحابة وجهّز جيشًا، وانتقل سريعًا إلى حصون بني قينقاع، وحاصر r الحصون وفي داخلها بنو قينقاع، وأصرَّ r على استكمال الحصار حتى ينزل اليهود على أمره r. 

وقد حرَّك رسول الله r هذا الجيش بكامله من أجل أن امرأة واحدة كُشفت عورتها، وما يؤلمني كثيرًا ليس فقط ما أرى من كشف عورات المسلمات في بقاع الأرض وفي أماكن كثيرة من العالم، ولكن تنتهك الحرمات إلى درجات القتل، وإلى درجة الاعتداء على المرأة، وأمور يستحي الإنسان من ذكرها، يحدث هذا كله ولا تتحرّك جيوش المسلمين. 

ونلاحظ في موقف النبي r مدى عزة وكرامة الدولة الإسلامية، فقد حدث نوع من الامتهان لهذه الكرامة بهذه العملية الفاجرة من اليهود، فأخذ النبي r الأمر بمنتهى الجدّية، وانتقل بجيشه إلى حصار بني قينقاع مع احتمال سقوط دماء كثيرة؛ نتيجة القتال مع بني قينقاع وهم من أصحاب السلاح والقلاع والحصون والبأس الشديد في الحرب، وقد رأى رسول الله r أن كل هذا ثمن رخيص للغاية في مقابل حفظ كرامة الدولة الإسلامية. 

وبدأ الحصار في يوم السبت نصف شوال سنة 2هـ، بعد أقل من شهر من غزوة بدر الكبرى، وظل r محاصرًا لبني قينقاع أسبوعين كاملين، إلى أن ظهر هلال ذي القعدة، وقذف الله U الرعب في قلوب اليهود، فنزلوا على حكم الرسول r، وكان حكمه r في ذلك الوقت هو قتلهم لهذه المخالفة الشنيعة التي فعلوها، ليس فقط لكشف وجه المرأة المسلمة، ولا لقتل المسلم، لكنها تراكمات طويلة جدًّا، فهم منذ أن دخل الرسول r وهم في مخالفات مستمرة، وسبّ علنيّ لله ولرسوله الكريم r، وللصحابة وإثارة الفتن بين المسلمين، فكان لا بد من وقفة معهم.

غزوة بني قينقاع 

واقعية المنهج الإسلامي: 

وجد الرسول r في هذا الوقت أن قوة المسلمين تسمح بردع اليهود، فانتقل r إلى حصارهم وقتالهم، وإذا قارنا هذا الموقف مع موقفٍ سابق مرَّ بنا في العهد المكي؛ وهو قتل السيدة سميَّة أم عمار بن ياسر y، واكتفى النبي r بقوله: "صَبْرًا آلَ يَاسِرٍ؛ فَإِنَّ مَوْعِدَكُمُ الْجَنَّةُ"[2]. 

ولم يحرك r مجموعة الشباب المسلم الذي كان موجودًا في فترة مكة لقتال أبي جهل؛ لأنه r يعلم أن القوة الإسلامية لا تسمح بهذا الأمر في ذلك الوقت، لكن الآن فُرض القتال على المسلمين وأُمِر به، بل وقوة المسلمين تسمح بهذا الأمر، فاختار الرسول r هذا القرار. 

فإذا أردنا أن نتأسَّى به r في عَلاقاتنا مع المشركين أو مع اليهود أو مع أعداء الأمة بصفة عامة، فعلينا أن ندرس جيدًا الموقف الذي أخذ فيه الرسول r القرار، أيًّا كان هذا القرار. 

النفاق يتعانق: 

نزل اليهود على حكم رسول الله r، وخرجوا من حصونهم، وكان القرار هو قتل بني قينقاع. 

وهنا جاء عبد الله بن أُبي بن سلول، ولم يكن قد أسلم إلا منذ أيام قليلة، فهو لم يسلم إلا بعد بدر، وكان حليفًا لبني قينقاع، وطلب من الرسول r أن يحسن في مواليه بني قينقاع، ورفض رسول الله r ذلك؛ لأن ما فعلوه إنما هو جريمة عسكرية كبرى، وفتنة كبيرة تحدث في المدينة، وقد أخذ الرسول r القرار، فكرَّر ابنُ أُبيّ ما يريد مرة وثانية وثالثة، ثم أدخل يده في جيب درع رسول الله r، فقال له الرسول r: "أَرْسِلْنِي". وغضب r غضبًا شديدًا، وقال له: "وَيْحَكَ! أَرْسِلْنِي". لكن هذا المنافق أصرَّ على إمساك الرسول r، وقال له: "لا والله لا أرسلك حتى تحسن في مواليّ؛ أربعمائة حاسر وثلاثمائة دارع قد منعوني من الأحمر والأسود، وتحصدهم في غداة واحدة، إني والله امرؤ أخشى الدوائر"[3]. 

قال ابن أُبيّ هذا الكلام هكذا بمنتهى الصراحة، فقد كان هذا المنافق حليفًا لبني قينقاع، وكان لهم جيشٌ قوامه سبعمائة رجل؛ أربعمائة حاسر (أيْ: من غير دروع)، وثلاثمائة دارع، وهؤلاء السبعمائة قد منعوه - كما يقول-من الأحمر والأسود. فهذه - إذن-هي القوة الأساسية المساعدة لعبد الله بن أُبيّ زعيم الخزرج قبل أن يأتي الرسول r، وهذه القوة تمنعه من كل الناس، ورسول الله r قد قرر أن يقتلهم جميعًا في لحظة واحدة. ويقول المنافق: وربما تدور الدوائر على المدينة بعد ذلك فلا أجد من يحميني. فهو لم يفكر في الرسول r، ولم يفكر في الجيش الإسلامي، ولم يفكر في انتمائه، وإنما كان تفكيره في عقائده الجاهلية التي كان عليها، وكانت علاقته باليهود أشد توثيقًا من علاقته برسول الله r، ومع ذلك كان يعذره رسول الله r؛ لأنه كان ما زال حديث الإسلام، وكان النبي r يؤمِّل كثيرًا فيه، وخاصةً أن خلفه مجموعة كبيرة من الناس، فعامله r بالحسنى في هذا الموقف، وقَبِل منه أن يفتدي هؤلاء، ولكن النبي r اشترط أن يترك اليهود من بني قينقاع المدينة المنورة بكاملهم، وقَبِلَ اليهود بذلك، وخرجوا من المدينة المنورة إلى منطقة تسمى (أذرعات) بالشام، ويقال: إنهم قد هلكوا هناك بعد فترة وجيزة. وبهذا انتهت قصة بني قينقاع من المدينة المنورة. 

وقفات مع جلاء بني قينقاع: 

اختيار التوقيت المناسب للقرار: 

لم يقف رسول الله r هذه الوقفة الجادة والقوية مع اليهود، إلا بعد أن اطمأنَّ تمامًا على قوة المسلمين اقتصاديًّا وعسكريًّا، فقد أصبح السوق الإسلامي موجودًا وقويًّا، بينما كانت التجارة في السابق في سوق بني قينقاع. وتخيّل كيف يكون الحال إذا كانت التجارة معتمدة على بني قينقاع حتى هذا الوقت، لكن الرسول r أمَّن هذا الجانب من أول أمره، ومنذ وصوله إلى المدينة المنورة. 

أصبح الماء - أيضًا-ملكًا للمسلمين، وقد كان في السابق لليهود، ونعرف جميعًا قصة بئر رومة. 

والجيش المسلم يعتمد اعتمادًا كُلِّيًّا على أفراده، لا يعتمد على معونات خارجية، ولا على أيِّ مساعدات من خارج المهاجرين والأنصار، بينما كان عبد الله بن أبي بن سلول زعيم المنافقين يعتمد على اليهود في حمايته. وكان هذا الوضع مؤهِّلًًا لرسول الله r أن يأخذ قرار الحرب بسهولة. 

لم يتساهل الرسول r مطلقًا مع اليهود بعد موقفهم مع المرأة المسلمة، ومع الرجل المسلم الذي قُتل، وكان ما فعله اليهود مخالفة صريحة للمعاهدة المبرمة بينهم وبين رسول الله r، ولو سكت الرسول r على مخالفة اليهود للمعاهدة المرة تلو الأخرى؛ فإن اليهود من دون شك سيزيدون من تطاولهم، ويدخلون في مرحلة أخرى من الاستهزاء بالدولة الإسلامية وكرامة الأمة الإسلامية. 

اليهود بين الأمس واليوم: 

من طبائع اليهود الثابتة التي لا ينفكون عنها بحال من الأحوال؛ التطاول الدائم واتخاذ المواقف المعادية كلما زاد سكوت المسلمين عن مخالفاتهم، وقد رأينا هذا في اليهود قديمًا وحديثًا، وسنظل نراه منهم إلى يوم القيامة. 

رأينا في العصر الحديث عندما خالف اليهود القوانين الإسلامية، وبدءوا بالهجرة إلى فلسطين مع أن هذا الأمر كان ممنوعًا عليهم، ولكن لأن المسلمين سكتوا عن هذا الأمر، تملّك اليهود الاقتصاد الفلسطيني في داخل فلسطين كلها، ومع سكوت المسلمين استقدم اليهود السلاح الخفيف إلى داخل فلسطين، ثم استقدموا السلاح الثقيل، ومع استمرار سكوت المسلمين جاء قرار الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين بين اليهود والمسلمين، ثُمَّ إقامة إسرائيل سنة 1948م، وحرب 1956م، 1967م، 1982م في لبنان. وهكذا كلما سكت المسلمون أخذ اليهود جزءًا أكبر. 

كنا في الماضي نطالب بالعودة إلى حدود التقسيم، ثم بعد ذلك نطالب بالعودة إلى حدود 67، ثم نطالب بالعودة إلى حدود الانتفاضة، وإذا كان اليهود اليوم يقيمون جدارًا عازلاً، فإننا ربما نطالب في المستقبل بالعودة إلى حدود الجدار العازل. 

فهذا التساهل مع اليهود هو الذي أدَّى إلى ما آلت إليه أحوالنا اليوم. 

وقد تجنَّب الرسول r كل هذه المأساة، وأخذ قرارًا سريعًا وحاسمًا بحصار بني قينقاع، ومعاقبتهم بالطريقة التي شُرعت في المعاهدة التي بينه وبينهم قبل ذلك بسنتين. 

قوة العلاقة بين اليهود والمنافقين: 

هذا هو الملمح الثالث الذي نلاحظه في قضيه بني قينقاع، فمع أن المنافقين لا يختلفون عن المسلمين في أسمائهم وأشكالهم، إلا أنهم يتعاملون مع اليهود بمنتهى الحمية والقوة؛ وذلك لأنهم يبطنون الكفر ويظهرون الإسلام. وقد استغل اليهود هذه العَلاقة في أيام رسول الله r وبعد أيامه r، وإلى زماننا الآن وإلى يوم القيامة، علاقة وطيدة وأكيدة بين اليهود والمنافقين، وهذا ما أخبر به الله U في كتابه بتعبير واضح وعجيب جدًّا، قال الله تعالى: {أَلَمْ تَر إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلاَ نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا  أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} [الحشر:11].

فجعل الله U المنافقين إخوانًا للذين كفروا من أهل الكتاب، فهذا الأمر في غاية الوضوح في كتاب رب العالمين I، وفي خطوات النبي r، وفي سيرته العطرة كما نرى، فكان هذا ما فعله الرسول r مع بني قينقاع.

د. راغب السرجاني

[1] رواه أبو داود (3001) ترقيم محيي الدين، وضعفه الألباني في ضعيف أبي داود برقم (647).
[2] رواه الحاكم في مستدركه (5646، 5666) ترقيم مصطفى عطا، وصححه الألباني في تخريجه لأحاديث فقه السنة لمحمد الغزالي هامش (1) ص81، طبعة دار الشروق، مصر، الطبعة الثانية، 2003م.
[3] ابن هشام: السيرة النبوية، تحقيق مصطفى السقا وآخرين، دار إحياء التراث العربي، بيروت، بدون تاريخ، القسم الثاني (الجزء الثالث والرابع) ص48.


أبريل 12, 2020

غزوة ذي العشيرة 2هـ.. مقدمات بدر الكبرى




سبب تسميتها بغزوة ذي العشيرة 

نسبة لموقع حدوثها بين مكة والمدينة. 

أين كانت غزوة ذي العشيرة ومتى؟ 

وقعت في جمادي الآخرة لسنة 2هــ، وكانت في موضع بين مكة والمدينة من بطن ينبع. 

من قائد غزوة ذي العشيرة، ومن حمل اللواء؟ 

قادها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحمل اللواء عمه حمزة بن عبدالمطلب رضي الله عنه. 

أسباب غزوة ذي العشيرة: 

لطلب قافلة لقريش التي تناصب المسلمين العداء، وهي سياسة اتبعها رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته لتمكين دولة الإسلام الوليدة والدعوة لله، بعد طول صبر على أذى الكفار، وبإذن من الله في دفع المشركين. 

أحداث غزوة ذي العشيرة: 

خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في نحو 150 من المهاجرين، ومعهم نحو 30 بعيرًا، لاعتراض قافلة لقريش ذاهبة للشام 

استخلف النبي صلى الله عليه وسلم على المدينة أبا سلمة بن عبد الأسد المخزومي، وهو أخو النبي من الرضاعة وابن عمته برّة ومن السابقين للإسلام، وقد جاء الخبر بخروجها محملة بأموال، وقد وجد النبي أن القافلة مرت قبل وصولهم بأيام، وإن كانت نفس القافلة حين عودتها من الشام، قد كانت سببًا لغزوة بدر الكبرى لاحقًا. 

وقد وادع [عاهد] نبي الله صلى الله عليه وسلم بعد هذه الغزوة، بني مدلج وحلفاءهم من بني ضمرة، بعدم الاعتداء. 

وفي هذه الغزوة كُنِّى علي بن أبي طالب مزاحًا من النبي صلى الله عليه وسلم بـ"أبي تراب" ؛ فحين وجده النبي نائمًا هو وعمار بن ياسر وقد علق به التراب، فأيقظه برجله وقال له: «قم أبا تراب» لما يرى عليه من التراب. 

نتائج غزوة ذي العشيرة: 

لم يحدث قتال، وجرت معاهدة مع بني مدلج. 

ما الدرس المستفاد من غزوة ذي العشيرة؟ 

كان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يكتسب منعة لدعوة الإسلام من تلك الغزوات والسرايا التي كانت سبب حقد وخوف المشركين؛ لأنها تهدد أقواتهم ومركزهم. وكان أيضا يستفيد سياسيًا بكسب القبائل المتحالفة معه على الطريق بين مكة والمدينة، وهنا تظهر حنكته كقائد.


أبريل 12, 2020

غزوة بدر الكبرى




تعد غزوة بدر الكبرى أول معركة في الإسلام قامت بين الحق والباطل؛ لذلك سميت يوم الفرقان، وكانت البداية حينما خرج المسلمون للقاء قافلة أبو سفيان ولم يكونوا خارجين للقتال، ولكن الله أراد لهم النصرة والعزة للإسلام واستئصال شوكة الكفر، فكم كان عدد المسلمين والمشركين في غزوة بدر؟ وما هي النعم التي أنعمها الله على المسلمين في تلك الغزوة؟ 

عندما هاجر الرسول والمسلمون إلى المدينة شرعوا في تكوين دولتهم الوليدة وسط مخاطر كثيرة وتهديدات متواصلة من قوى الكفر والطغيان في قريش التي ألبت العرب كلهم على المسلمين في المدينة، وفي هذه الظروف الخطيرة أنزل الله تعالى الإذن بالقتال للمسلمين لإزاحة الباطل وإقامة شعائر الإسلام. 

واتبع الرسول صلى الله عليه وسلم سياسة حكيمة في القتال تقوم أساسًا على إضعاف القوة الاقتصادية لقريش بالإغارة على القوافل التجارية المتجهة للشام، وبالفعل انطلقت شرارة السرايا بسرية سيف البحر في رمضان 1هـ بقيادة حمزة بن عبد المطلب وتوالت السرايا والتي اشترك في بعضها الرسول بنفسه، مثل: الأبواء وبواط، حتى كانت غزوة ذي العشيرة عندما جاءت الأخبار للرسول بأن عيرًا لقريش يقودها أبو سفيان بن حرب قد خرجت إلى الشام فخرج يطلبها ففاتته إلى الشام فرجع المدينة وهو ينتظر عودتها من الشام ليأخذها.. 

وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يعتمد على سياسة بث العيون وسلاح الاستخبارات لنقل الأخبار بحركة القوافل التجارية وقد نقلت له العيون بأن القافلة راجعة من الشام محملة بثروات هائلة تقدر بألف بعير فندب الرسول الناس للخروج لأخذ هذه القافلة فتكون ضربة قاصمة لقريش ولم يعزم على أحد فاجتمع عنده ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً معظمهم من الأنصار،ويقال: إن هذا العدد هو عدد جند طالوت الذين عبروا معه النهر ولم يشربوا منها لمذكورة قصتهم في سورة البقرة، ولم يكن سوى فارسين الزبير والمقداد والباقي مشا هو كل ثلاثة يتعاقبون على بعير واحد وخرجوا وهم يظنون أنهم لا يلقون حربًا كبيرة وأرسل الرسول رجلين من الصحابة يتجسسان له أخبار القافلة 

الخبر يصل إلى قريش: 

كان أبو سفيان قائد القافلة في غاية الذكاء والحيطة والحذر وكان يتحسس الأخبار ويسأل من لقي من الركبان حتى عرف بخروج الرسول والصحابة لأخذ القافلة فاستأجر رجلاً اسمه ضمضم بن عمرو الغفاري وكلفه بالذهاب إلى قريش ليستنفرها لنجدتهم، وفي هذا الوقت كانت عاتكة بنت عبد المطلب عمة النبي قد رأت رؤيا بهذا المعنى وانتشر خبرها في قريش وسخر منها الناس، على رأسهم أبو جهل لعنه الله، ولكن سرعان ما بان تأويل الرؤيا وعرفت قريش بحقيقة الخبر فثاروا جميعًا وأسرعوا للإعداد لحرب المسلمين،وخرج من كل قبائل العرب رجال سوى قبيلة بني عدي حتى بلغ الجيش المكي ألف وثلاثمائة ومعهم مائة فارس وستمائة درع، ولما أجمعوا على المسير خافوا من غدر قبائل بني بكر وكانت بينهما عداوة وحرب، فتبدى لهم إبليس لعنه الله في صورة سراقة بن مالك سيد بني كنانة وقال لهم: "أنا لكم جار من أن تأتيكم كنانة من خلفكم بشيء تكرهونه". 

العير تفلت: 

استخدم أبو سفيان ذكائه وحذره الشديد حتى استطاع أن يعرف موقع جيش المسلمين بـ بدر ويحول هو خط سير القافلة نحو الساحل غربًا تاركًا الطريق الرئيسي الذي يمر ببدر على اليسار،وبهذا نجا بالقافلة وأرسل رسالة للجيش المكي بهذا المعنى، فهمّ الجيش بالرجوع ولكن فرعون هذه الأمة أبو جهل صدهم عن ذلك، ولكن قبيلة بني زهرة بقيادة الأخنس بن شريق عصوه ورجعوا ولم يشهدوا غزوة بدر. 

المجلس الاستشاري: 

لم يكن يظن المسلمون أن سير الحرب سيتحول من إغارة على قافلة بحراسة صغيرة إلى صدام مع جيش كبير مسلح يقدر بثلاثة أضعاف جيشهم، فعقد الرسول صلى الله عليه وسلم مجلسًا استشاريًّا مع أصحابه ليعرف استعدادهم لمواصلة الحرب المقبلة، وعرض عليهم مستجدات الأمر، وشاورهم في القضية، فقام أبو بكر وعمر والمقداد فتكلموا وأحسنوا، وبينوا أنهم لا يتخلفون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أبدًا، ولا يعصون له أمرًا، فأعاد الرسول صلى الله عليه وسلم الأمر، وقال: "أشيرواعليّ أيها الناس".. 

وكان يريد بذلك الأنصار ليتعرف استعدادهم لذلك، فقال سعد بن معاذ: "والله لكأنك تريدنا يا رسول الله!" قال: "أجل"،قال: "فقد آمنا بك وصدقناك، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة؛ فامض يا رسول الله لما أردت؛ فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدوًّا غدًا، وإنا لصبر في الحرب صدق في اللقاء، ولعل الله يريك مناما تقرّ به عينك، فسر بنا على بركة الله"، فسُرّ الرسول صلى الله عليه وسلم بما قاله المهاجرين والأنصار، وقال: "سيرواوأبشروا؛ فإن الله تعالى قد وعدني إحدى الطائفتين". 

قبل غزوة بدر: 

تحرك الرسول صلى الله عليه وسلم واختار مكانًا للقتال أشار الحباب بن المنذر بتعديله ليسهل على المسلمين التحكم في مصدر المياه، وإن كانت هذه الرواية ضعيفة إلا إنها منتشرة بأسانيد كثيرة في كتب السيرة والتاريخ. 

الصحابة يأسرون غلامين من جيش قريش، والرسول صلى الله عليه وسلم يستجوبهما ليعرف عدد الجيش ومن على رأسه فيتضح أن الجيش قرابة الألف، على رأسه سادة قريش وكبرائها. 

أرسل الله مطرًا من عنده، فنزل بردًا وسلامًا وتثبيتًا على المسلمين،ووابلاً ورجزًا على الكافرين، وقد كان الشيطان قد أصاب المسلمين أثناء نومهم، فاحتلم منهم الكثير، فنزل المطر فطهرهم بذلك. 

عندما نزل المسلمون في مقرهم اقترح سعد بن معاذ بناء مقر لقيادة النبي صلى الله عليه وسلم استعدادًا للطوارئ؛ فبنى المسلمون عريشًا للنبي صلى الله عليه وسلم ودخل معه في العريش لحراسته أبو بكر الصديق لذلك كان علي بن أبي طالب يقول: "أبو بكر أشجع الناس على الإطلاق بعد النبي صلى الله عليه وسلم"، وأقام سعد بن معاذ كتيبة لحراسة العريش مقر القيادة. 

قضى الرسول صلى الله عليه وسلم ليلة في الصلاة والدعاء والتبتل والتضرع لله وقد عبأ جيشه ومشى في أرض المعركة وهو يقول: "هذا مصرع فلان، وهذا مصرع فلان إن شاء الله غدًا"، وقد استبشر الناس بالنصر. 

أما الجيش المكي فقد وقع في صفهم انشقاق بدأ عندما طلبوا من عمير بن وهب الجمحي أن يدور دورة حول المعسكر الإسلامي ليقدر تعداده، فدار دورة واسعة أبعد فيها ليتأكد من عدم وجود كمائن للجيش الإسلامي، ثم عاد فقال لهم: "عددهم ثلاثمائة رجل، ولكني رأيت يا معشر قريش المطايا تحمل المنايا، نواضح يثرب تحمل الموت الناقع، قوم ليس معهم منعة ولا ملجأ إلا سيوفهم؛ فوالله ما أرى أن يُقتل رجل منهم حتى يقتل رجلاً منكم". 

وهنا دبَّ الرعب في قلوب الكافرين وقامت حركة

معارضة بقيادة حكيم بن حزام الذي أقنع عتبة بن ربيعة أن يتحمل دية عمرو بن الحضرمي المقتول في سرية نخلة رجب 2هـ، ولكن فرعون الأمة الذي كان يسعى لحتفه بظلفه أفسد هذه المعارضة، وأثار حفائظ عامر بن الحضرمي، فقال: "هذا حليفك، أي عتبة، يريد أن يرجع بالناس، وقد رأيت ثأرك بعينك، فقم فانشد خفرتك ومقتل أخيك"، فقام عامر وكشف عن استه، وصرخ قائلاً:"واعمراه واعمراه"، فحمي الناس وصعب أمرهم واستوثقوا على ما هم عليه من الشر". 

اندلاع غزوة بدر: 

كان أول وقود المعركة الأسود بن عبد الأسد المخزومي التي وردت بعض الآثار أنه أول من يأخذ كتابه بشماله يوم القيامة وكان رجلاً شرسًا سيئ الخلق أراد أن يشرب من حوض النبي صلى الله عليه وسلم فقتله حمزة بن عبد المطلب قبل أن يشرب منه، ثم خرج ثلاثة من فرسان قريش هم عتبة وولده الوليد وأخوه شيبة وطلبوا المبارزة، فخرج ثلاثة من الأنصار فرفضوهم، وطلبوا مبارزة ثلاثة من المهاجرين، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم عبيدة بن الحارث وحمزة بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب وكانوا أقرب الناس للنبي صلى الله عليه وسلم واستطاع المسلمون قتل الكافرين. 

استشاط الكافرون غضبًا لمقتل فرسانهم وقادتهم فهجموا على المسلمين هجمة رجل واحد ودارت رحى حرب طاحنة في أول صدام بين الحق والباطل وبين جند الرحمن بقيادة الرسول صلى الله عليه وسلم، وجند الشيطان بقيادة فرعون الأمة أبو جهل، والرسول صلى الله عليه وسلم قائم يناشد ربه ويتضرع ويدعو ويبتهل، وقال: "اللهم إن تهلك هذه العصابة اليوم لا تعبد، اللهم إن شئت لم تعبد بعد اليوم"،وبالغ الاجتهاد والتضرع حتى سقط رداؤه عن منكبيه. 

أغفى رسول الله إغفاءة واحدة ثم رفع رأسه، فقال: "أبشر يا أبا بكر، هذا جبريل على ثناياه النقع"، فلقد جاء المدد الإلهي ألف من الملائكة يقودهم جبريل، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من باب العريش وهو يثب في الدرع ويقول: "سيهزم الجمع ويولون الدبر"، ثم أخذ حفنة من الحصى فاستقبل بها قريشً، وقال: "شاهت الوجوه!"، ورمى بها في وجوههم فما من المشركين من أحد إلا أصاب عينيه ومنخريه وفمه. 

مواقف خالدة في غزوة بدر: 

قام الرسول صلى الله عليه وسلم يحرض المسلمين على القتال، فقال لهم: "والذي نفسي بيده لا يقاتلنهم اليوم رجل فيقتل صابرًا محتسبًا مقبلاً غير مدبر إلا أدخله الله الجنة، قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض"، فقال عمير بن الحمام: "لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه، إنها لحياة طويلة"، فرمى بما كان معهمن التمر ثم قاتلهم حتى قُتل رحمه الله. 

سأل عوف بن الحارث رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "يا رسول الله ما يضحك الرب من عبده؟"، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "غمسه يده في العدو حاسرًا"،فنزع عوف درعًا كانت عليه، ثم أخذ سيفه فقاتل حتى قتل. 

جاء غلامان صغيران هما معاذ بن عمرو ومعوذ بن عفراء، وظلا طوال القتال يبحثان عن أبي جهل لأنهما أقسما أن يقتلاه؛ لأنه سب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبالفعل وصلا إليه حتى قتلاه، وقام ابن مسعود بحز رأسه وحملها للنبي صلى الله عليه وسلم الذي قال عندما رآها: "الله أكبر والحمد لله الذي صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده، هذا فرعون هذه الأمة". 

ضرب لصحابة أروع الأمثلة في الاستعلاء بإيمانهم وعقيدتهم، وبينوا لنا كيف تكون عقيدة الولاء والبراء، فلقد قتل أبو عبيدة بن الجراح أباه وقتل عمر بن الخطاب خاله وهمَّ أبو بكر أن يقتل ولده عبد الرحمن، وأخذ أبو عزيز أسيرًا في المعركة، فأمر أخوه مصعب بن عمير بشد وثاقه وطلب فدية عظيمة فيه. 

نهاية غزوة بدر: 

استمرت المعركة الهائلة والملائكة تقتل وتأسر من المشركين، والمسلمون يضربون أروع الأمثلة في الجهاد في سبيل الله والدفاع عن دينهم ورسولهم حتى انتهت المعركة بفوز ساحق للمسلمين بسبعين قتيلاً وسبعين أسيرًا، ومصرع قادة الكفر من قريش، وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بطرح جيف المشركين في قليب خبيث في بدر، ثم أخذ يكلمهم: "بئس العشيرة كنتم لنبيكم؛ كذبتموني وصدقني الناس، وخذلتموني ونصرني الناس، وأخرجتموني وآواني الناس"، ثم أمر بهم فسحبوا إلى قليب من قلب بدر. 

ونزل خبر هزيمة المشركين في غزوة بدر كالصاعقة على أهل مكة، حتى إنهم منعوا النياحة على القتلى؛ لئلا يشمت بهم المسلمون، فحين جاءت البشرى لأهل المدينة فعمتها البهجة والسرور، واهتزت أرجاؤها تهليلاً وتكبيرًا، وكان فتحًا مبينًا ويومًا فرق الله به بين الحق والباطل. 

وكانت هذه الموقعة العظيمة في السابع عشر من شهر رمضان من العام الثاني للهجرة.


أبريل 12, 2020

"غزوة بواط" ثاني غزوات النبي صلي الله عليه وسلم




غزوة بواط هي ثاني غزوات النبي صلي الله عليه وسلم بعد هجرته من مكة للمدينة المنورة وخرج في النبي صلي الله عليه وسلم في مائتي مقاتل وذلك لملاقة قافلة تجارية تابعة لقريش. 

عدد قوات المسلمين 

200 رجل 

عدد قوات قريش 

قافلة تجارية في حماية 100 راكب وراجل بقيادة أمية بن خلف الجمحي 

مكان الغزوة 

في سلسلة جبال بواط وهي بواطان أصلها واحد فبواط الجلسي مما يلي المدينة المنورة ويصب سيلها في وادي اضم (وادي الحمض) وبواط الغوري وهي مما يلي ينبع النخل ويصب سيلها في وادي الفرعة بينبع النخل وقريب من بواط سلسلة جبال رضوى لذا كان المتقدمين يشيرون إلي رضوى عند وصفهم لغزوة بواط. 

هدف الغزوة 

الوصول إلى بواط على الطريق التجارية بين مكة والشام والاستيلاء على قافلة قريش التجارية المارة بتلك المنطقة المكونة من 2500 بعير وهو نوع من الحصار الاقتصادي على قريش. 

أحداث الغزوة 

في شهر ربيع الأول سنة 2 هـ الموافق سبتمبر سنة 623 م خرج فيها رسول الله في مائتين من أصحابه يعترض عيراً لقريش. 

فيها أمية بن خلف الجمحي ومائة رجل من قريش وألفان وخمسمئة بعير، فبلغ بواطا من ناحية رضوى‏.‏ 

علمت عيون قريش بخروج المسلمين فأسرعت القافلة بحركتها وسلكت طريقاً غير طريق القوافل المعبدة، فتخطت المسلمين، ورجع المسلمون إلى المدينة. 

استخلف في هذه الغزوة على المدينة سعد بن معاذ، ويقال السائب بن عثمان بن مظعون واللواء كان أبيض، وحامله سعد بن أبي وقاص


أبريل 12, 2020

غزوة ودان (الأبواء ) .. أول غزوة لرسول الله 2هـ



سبب تسميتها بغزوة ودان (الأبواء) 

نسبة لمكان حدوثها في قرية بين المدينة ومكة. 

متى كانت غزوة ودان (الأبواء) ، وأين؟ 

في يوم ١٢ لشهر صفر للعام الثاني هجريا، وجرت بقرية من أعمال الفرع، إما الأبواء والتي تبتعد عن المدينة ٢٣ ميلا، أو قرية ودان، وبينهما ستة أميال. 

من قائد غزوة ودان (الأبواء)، ومن حمل اللواء؟ 

قادها رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ليبدأ سلسلة مغازيه الشريفة ضد المشركين المحاربين لدين الله، وحمل اللواء عمه حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه. 

أسباب غزوة ودان (الأبواء) 

رغبة النبي الحبيب صلى الله عليه وسلم في التعرف على الطرق المحيطة بالمدينة، والمسالك المؤدية إلى مكة. 

نيته صلى الله عليه وسلم بعقد المعاهدات مع القبائل التي مساكنها على هذه الطرق. 

وإشعار مشركي يثرب ويهودها وأعراب البادية الضاربين حولها بأن المسلمين أقوياء وأنهم تخلصوا من ضعفهم القديم. 

إنذار قريش علها تشعر بتفاقم الخطر على اقتصادها وأسباب معايشها فتجنح إلى السلم، وتمتنع عن إرادة قتال المسلمين في عقر دارهم، وعن الصد عن سبيل الله. 

أحداث غزوة ودان (الأبواء) 

استخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم سعد بن عبادة رضي الله عنه على المدينة المنورة ثم خرج الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لاعتراض عير قريش وكان معه ستون رجلا من المهاجرين، لكنهم لم يدركوا قافلة قريش. 

وهناك وجدوا بني ضمرة وكان من ضمنهم سيدهم المدعو مخشي بن عمر الضمري، وقد طلبوا موادعته أي الأمان معه، فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين بني ضمرة على أن لا يغزو المسلمين بني ضمرة ولا يغزو بني ضمرة المسلمين، و أن لا يكثروا بني ضمرة علي المسلمين جمعًا ولا يعينوا عليهم عدوًا . 

وكان نص المعاهدة مع بني ضمرة: «هذا كتاب محمد رسول الله لبني ضمرة بأنهم آمنون على أموالهم وأنفسهم وأن لهم النصر على من رامهم بسوء بشرط أن يحاربوا في دين الله ما بل بحر صوفة وأن النبي إذا دعاهم لنصر أجابوه، عليهم بذلك ذمة الله ورسوله» ثم انصرف الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وكانت غيبته خمس عشرة ليلة. 

وفي ودان قبر السيدة آمنة أم الرسول صلى الله عليه وسلم، وقيل أن أباه عبدالله مدفون هناك أيضًا. 

نتائج غزوة ودان (الأبواء) 

لم يقع قتال بغزوة ودّان، ووقعت معاهدة مع بني ضمرة . 

الدرس المستفاد من غزوة ودان (الأبواء) 

يقظة النبي والقائد محمد صلى الله عليه وسلم سبيلا لإعلاء كلمة الله وحقن دماء المسلمين، وقد خرج في طلب قريش وعاهد بني ضمرة على عدم التعرض. 

الرسول صلى الله عليه وسلم يعطي درسًا بشجاعة القائد الذي لا يكتفي بالتخطيط بل يخوض غمار الحرب، رغم رغبة صحابته - رضي الله عنهم-بتجنيبه المخاطر. 

الرسول صلى الله عليه وسلم ينتقي لتولي المدينة وحمل اللواء أخير صحابته، رضوان الله عليهم أجمعين.


أبريل 12, 2020

حجة الوداع



حجة الوداع 


بعد أن أتم النبي صلى الله عليه وسلم إبلاغ الرسالة ، وفُتحت مكة ، ودخل الناس في دين الله أفواجاً ، فرض الله الحج على الناس وذلك في أواخر السنة التاسعة من الهجرة ، فعزم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الحج ، وأعلن ذلك ، فتسامع الناس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يريد الحج هذا العام ، فقدم المدينة خلق كثير كلهم يريد أن يحج مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأن يأتم به. 

فخرج من المدينة في الخامس والعشرين من ذي القعدة من السنة العاشرة للهجرة ، وانطلق بعد الظهر حتى بلغ ذي الحليفة ، فاغتسل لإحرامه وادهن وتطيب ، ولبس إزاره ورداءه ، وقلد بدنه ، ثم أهل بالحج والعمرة وقرن بينهما ، وواصل السير وهو يلبي ويقول: ( لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك ) ، فلما قرب من مكة ، نزل بذي طوى ، وبات بها ليلة الأحد من اليوم الرابع من ذي الحجة ، وصلى بها الصبح ، ثم اغتسل ، ودخل مكة نهاراً من أعلاها ، فلما دخل المسجد الحرام طاف بالبيت ، وسعى بين الصفا والمروة ، ولم يحل من إحرامه ، لأنه كان قارناً وقد ساق الهدي معه ، وأمر من لم يكن معه هدي من أصحابه أن يجعلوا إحرامهم عمرة ، فيطوفوا بالبيت وبين الصفا والمروة ، ثم يحلوا من إحرامهم ، وأقام النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه بمكة أربعة أيام من يوم الأحد إلى يوم الأربعاء . 

وفي ضحى يوم الخميس الثامن من ذي الحجة توجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمن معه من المسلمين إلى منى ، فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر ، ثم مكث قليلاً حتى طلعت الشمس ، وأمر بقبة من شعر تضرب له بنمرة - وهو موضع بالقرب من عرفات وليس من عرفات - ، فسار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى نزل بنمرة ، ولما زالت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له ، فأتى بطن وادي عرنة ، وقد اجتمع حوله الألوف من الناس ، فخطب الناس خطبة جامعة ذكر فيها أصول الإسلام ، وقواعد الدين ، وكان مما قاله - صلى الله عليه وسلم - : ( إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم ، كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ، ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع ، ودماء الجاهلية موضوعة ، وإن أول دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث ، كان مسترضعا في بني سعد فقتلته هذيل ، وربا الجاهلية موضوع ، وأول ربا أضع ربانا ربا عباس بن عبد المطلب ، فإنه موضوع كله ، فاتقوا الله في النساء ، فإنكم أخذتموهن بأمان الله ، واستحللتم فروجهن بكلمة الله ، ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه ، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح ، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف ، وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به ، كتاب الله ، وأنتم تسألون عني فما أنتم قائلون ؟ قالوا : نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت ، فقال بإصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس : اللهم اشهد ، اللهم اشهد ، ثلاث مرات ) . 

ثم أذن المؤذن ثم أقام فصلى بالناس الظهر ، ثم أقام فصلى العصر ، ولم يصل بينهما شيئاً ، ثم ركب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أتى موقف عرفات ، فاستقبل القبلة ، ولم يزل واقفاً حتى غربت الشمس ، وهنالك أنزل عليه قوله تعالى: { اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا } ( المائدة 3) . 

فلما غربت الشمس أفاض من عرفات، وأركب أسامة بن زيد خلفه ، ودفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول : ( أيها الناس عليكم السكينة ) ، حتى أتى المزدلفة ، فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ، ولم يصل بينهما شيئاً ، ثم نام حتى أصبح ، فلما طلع الفجر صلاها في أول الوقت ، ثم ركب ، حتى أتى المشعر الحرام - وهو موضع بالمزدلفة - ، فاستقبل القبلة ، ودعا الله وكبره وهلله ووحده ، ولم يزل واقفاً حتى أسفر الصبح وانتشر ضوء ه ، ثم دفع إلى منى قبل أن تطلع الشمس ، وهو يلبي ولا يقطع التلبية ، وأمر ابن عباس أن يلتقط له حصى الجمار سبع حصيات ، فلما وصل إلى منى رمى جمرة العقبة راكباً بسبع حصيات ، يكبر مع كل حصاة . 

ثم خطب الناس خطبة بليغة أعلمهم فيها بحرمة يوم النحر وفضله عند الله وحرمة مكة على غيرها ، وأمرهم بالسمع والطاعة ، وأن يأخذوا عنه مناسكهم ، ويبلغوا عنه ، ونهاهم أن يرجعوا بعده كفاراً يضرب بعضهم رقاب بعض . 

ثم انصرف إلى المنحر فنحر ثلاثاً وستين بدنة بيده ، ثم أمر علياً أن ينحر ما بقي من المائة . 

فلما أكمل - صلى الله عليه وسلم - نحر الهدي استدعى الحلاق فحلق رأسه ، وقسم شعره بين من حوله من الناس . 

ثم أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة راكباً ، وطاف بالبيت طواف الإفاضة ، وصلى بمكة الظهر ، ثم رجع إلى منى في نفس اليوم ، فبات بها ، فلما أصبح انتظر زوال الشمس ، فلما زالت ودخل وقت الظهر أتى الجمرات ، فبدأ بالجمرة الصغرى ثم الوسطى ثم جمرة العقبة ، يرمي كل جمرة بسبع حصيات ، ويكبر مع كل حصاة ، وفعل ذلك في بقية أيام التشريق ، وأقام النبي - صلى الله عليه وسلم - أيام التشريق بمنى يؤدي المناسك ، ويعلم الشرائع ، ويذكر الله ، ويقيم التوحيد ، ويمحو معالم الشرك . 

وفي اليوم الثالث عشر من ذي الحجة ، نفر النبي صلى الله عليه وسلم من منى ، فنزل بخيف بني كنانة من الأبطح ، وأقام هناك بقية يومه وليلته ، وصلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء ، ونام نومة خفيفة ، وبعدها ركب إلى البيت ، فطاف به طواف الوداع ، ثم توجه راجعاً إلى المدينة . 

وهكذا قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حجه ، بعد أن بين للمسلمين مناسكهم ، وأعلمهم ما فرض الله عليهم في حجهم ، وما حرم عليهم ، فكانت حجة البلاغ ، وحجة الإسلام ، وحجة الوداع ، ولم يمكث بعدها أشهرا ًحتى وافاه الأجل ، فصلوات الله وسلامه عليه إلى يوم الدين.